سبتمبر 27, 2022

في حوار خاص مع القيادية "منى عزت": مجلس النقابة لا يحل الأزمات ويعتمد على المسكنات.. ولم نشتبك بجدية مع الحوار الوطني

"على الرغم من أن نقيب الصحفيين ضياء رشوان هو المنسق العام للحوار الوطني، لكن نقابة الصحفيين لم تشتبك بشكل جدي مع الحوار الوطني لطرح أزمات وقضايا المهنة، وأكبر دليل على ذلك عدم وجود لجنة مخصصة لمناقشة أزمات الصحافة والإعلام المصري والاكتفاء بوجود لجنة للنقابات بشكل عام"، هذا كان ضمن آراء الصحفية القيادية منى عزت التي طرحتها أثناء الحوار الذي أجراه موقع "نقابة ميتر" معها، وإليكم نص الحوار:

ما تقييمك لأداء مجلس نقابة الصحفيين؟

في المجمل لدينا العديد من الملاحظات، وهذه ليست ملاحظات أعضاء الجمعية العمومية وحسب، وإنما أيضاً ملاحظات من بعض أعضاء المجلس الذين يحاولون الدفع بتفعيل دور المجلس في الوقت الحالي.

هناك الكثير من الملفات لم يأخذها المجلس بالجدية اللازمة وارتبط أداءه على مدار العام والنصف الماضيين بالمسكنات، على سبيل المثال: "مبنى النقابة والتباطؤ في الإصلاحات والتأخير للعام الرابع تقريبا دون الانتهاء. بالإضافة إلى قضايا حرية الصحافة والوضع الصحفي في مصر وتصفية بعض الأماكن وتعريض صحفيها للخطر، فهذا الأمر كان يستدعي الدعوة لمؤتمر كبير للصحفيين".

وفكرة المؤتمر مهمة لأنه تطرح فيه كل القضايا، وهناك أوراق تكتب من بعض الصحفيين حول الموضوعات التي من الممكن أن يتناولها المؤتمر؛ مثل أوضاع المؤسسات الصحفية والأجور وأوضاع العمل ويناقش أيضاً الحريات الصحفية.

على سبيل المثال أيضا، قضايا العنف داخل أماكن العمل وخاصة للنساء، والمطالبة بوجود لجنة للمرأة أو وجود آلية ما للتعامل مع قضايا العنف القائم على النوع. ولكن النقابة اكتفت بالتشكيل الورقي للجنة المرأة، ولم يتم دعوة الصحفيين للنقاش بشكل حقيقي داخل النقابة، مع العلم بأهمية الملف، حيث رأينا خلال الفترة الماضية عدد الحالات التي تعرضت فيها الصحفيات للعنف.

في رأيك هل عدم اجتماع المجلس أثر سلبا على المهنة؟

عدم اجتماع المجلس على مدار 5 أشهر بالطبع يؤثر على المهنة، لأنه تسبب في تعطيل الكثير من الملفات، لكن الحقيقة أن اجتماعات المجلس التي تمت انتهت بقرارات وإجراءات سطحية، ولا يوجد حلول حقيقية للأزمات؛ مثل التأخير في ملف لجنة القيد والنظر لمن تم استبعادهم، واستدعاء أعضاء لجنة القيد ومناقشتهم في المعايير والأسباب لاستبعاد الزملاء.

والحقيقة أن هناك عضوان في المجلس يحاولان طول الوقت أن يضغطوا على المجلس لقيام بمهامه، وهما محمود كامل وهشام يونس، اللذان دائما التواصل مع الجمعية العمومية والحديث عما يحدث داخل مجلس النقابة عبر صفحاتهم على الفيسبوك، وكذلك حضورهم بعض الاجتماعات التي تعقدها الجمعية العمومية والاشتباك مع أزمات الزملاء.

ما رأيك في وضع النقابة عموما؟ وما تفسيرك لغياب العمل النقابي؟

أنا من الجيل الذي عاصر قيادات صحفية كانت لديهم الحرص على المهنة، وتعلمنا منهم احترام المهنة والمحافظة على المهنية وميثاق الشرف الصحفي، كما تعلمنا أهمية نقابتنا كنقابة رأي ونقابة حريات. وعندما كان يحدث تحركا نقابيا من قبل الجمعية العمومية، كان أعضاء المجلس سريعا ما يشتبكون مع تلك المناقشات، في محاولة لحل الأزمة أو الموضوع الذي نتحدث عنه، وبالتالي كانت النقابة حاضرة بمعناها الرسمي وتحركات الجمعية العمومية كان لها مردود.

والآن هناك محاولات من الجمعية العمومية لعودة هذه الروح، لكن لا يوجد من يهتم داخل مجلس نقابة الصحفيين سوى القليل جدا مما يحاولون الاشتباك مع قضايا الصحفيين، الأمر الذي يسبب إحباطا للجمعية العمومية. هذا بالإضافة إلى أن المهنة نفسها في أزمة، فبعض الصحفيين يُفصلون من العمل، والبعض الآخر يعاني من تدني الأجور فيعمل في أكثر من مكان لسد احتياجاته المعيشية، فضلاً عن أن المجال العام حاليا يعاني في الأساس من انغلاق تام مما يؤثر على الوضع الصحفي.

كان لدى النقابة العديد من اللجان الهامة والتي أصبحت معطلة مثل"الحريات والتشريعية والإسكان"، ما تفسيرك؟

إن بعض أعضاء المجلس يحاولون الابتعاد عن لجان معينة في سبيل لجان أخرى، مثل ملف العلاج لأنه ملف ناجح ومستقر ونتائجه مضمونه وهذا يضمن له حصد أصوات والاستمرار في المجلس.

والبعض يتعامل مع مجلس النقابة بطريقة نفعية لإعطائه وجاهة اجتماعية وزيادة حضوره في المجال العام، ليس من منطلق القناعة والإيمان بأهمية اللجنة ومحاولة تحسين الوضع للمنفعة العامة للجمعية العمومية، على عكس المجالس السابقة التي اعتبرت المحافظة على استقلال وديمقراطية النقابة وحضورها جزء أصيل من المحافظة على المهنة، وبالتالي سعت إلى تنشيط كل اللجان وتحسين عملها للاستفادة منها للزملاء.

ما تفسيرك لتعطيل أعمال لجنة المرأة حتى الآن؟

فيما يتعلق بلجنة المرأة بشكل عام، فإن الحديث حول الآليات المؤسسية الخاصة بالعمل على قضايا النساء مثل تشكيل لجان المرأة أو مناهضة العنف أو تكافؤ الفرص سواء داخل حزب أو مؤسسة حكومية أو نقابة تواجه تحديات كبيرة، لأن هناك اتجاه عام وتيار كبير ما زال يدعم الثقافة الذكورية ويدعم السلطة الأبوية، وبالتالي هذا القطاع يرى أن وجود النساء في المجال العام وجود استثنائي وأن مكانها الأساسي داخل المنزل، ويتعامل مع المكاسب التي حصلت عليها النساء بنوع من التنكر. وهناك الكثير من التحديات التي تواجه وضع آليات لمناصرة النساء. وبالتبعية أعضاء المجلس هم أبناء هذا المجتمع وتربوا على هذه الثقافة.

أما النقطة الثانية هي أن هناك صحفيين مهتمين بمشاكل الصحفيين والصحفيات يعتبروا أن تشكيل لجنة للمرأة انقسام للحركة النقابية، وهذا اتجاه ليس معادي للنساء لكنه معادي للآلية نفسها وأصحاب هذا الاتجاه، رغم انحيازهم لديمقراطية النقابة واستقلاليتها لكنهم غير قادرين أن يروا أشكال العنف الذي تتعرض لها المرأة والتي تتطلب وضع آليات للتعامل مع تلك القضايا فيما يسمى التمييز المضاعف على الصحفيات، حيث أنها تواجه تدني في الأجور وعدم استدامة فرصة العمل وتقييد العمل الصحفي، وكذلك تمييز قائم على النوع. وعليه فإن لجنة المرأة ليست في معاداة مع الرجال وإنما في معاداة مع الثقافة الذكورية التي تكرس للعنف والتمييز تجاه النساء.

هذا بالإضافة إلى الوضع العام السيء للنقابة، والذي فيه الكثير من اللجان لم تجتمع وتنشط من الأساس منذ فترة طويلة. ولجنة المرأة لكي تتحرك وتعمل تحتاج اجتماع لأعضاء اللجنة وأخذ قرارات توافق عليها من أعضاء المجلس الذي لا يجتمع من الأساس وفى حالة سكون.

كان هناك وعود انتخابية لأعضاء المجلس أثناء فترة الدعاية الانتخابية منها إنهاء أزمة الفصل التعسفي ومحاربة منتحلي الصفة، تقريبا 60% من هذه الوعود لم تتحقق بل لم يتم العمل عليها من الأساس، فما رأيك؟

على الرغم من أن نقابة الصحفيين هي نقابة رأي ودفاع عن الحريات واستدامة الانتخابات بمعايير موضوعية، يلجأ البعض إلى فكرة البرامج الانتخابية الدعائية واستخدام برامج وخطابات مجرد دعاية وحبر على ورق للترويج لنفسه، ولكن ليس لديه تصور وخطة للتنفيذ. ويقتصر نشاطه النقابي فقط على موسم الانتخابات بنفس الطريقة الشعبوية التي يتم استخدامها في أغلب الانتخابات. وهذا النوع من الأعضاء يتعامل مع النقابة على إنها تضيف لواجهته الاجتماعية وزيادة نفوذه.

لكن طول الوقت كان لدى المرشحين المنتمين إلى تيار الاستقلال والديمقراطية داخل النقابة فكرة ممتازة تسمى بكشف الحساب، وكان هناك شعور بالمسؤولية الحقيقية دون وعود براقة.

هل لديك معلومات بترشح زميلات صحفيات للانتخابات القادمة؟

لا أعرف. أنا عن نفسي لن أترشح للانتخابات، ولكن من الطبيعي أن يكون هناك تواجد للنساء في المجلس وكذلك للشباب أو أصحاب الديانات المختلفة، وألا يتم الإقصاء أو التمييز على أساس النوع أو العرق أو الدين، وأن يتم الاختيار على أساس الكفاءة وفهم العمل النقابي والحفاظ على المهنة والحصول على المكاسب للزملاء. هذه هي المعايير التي يجب اختيار أعضاء المجلس على أساسها دون النظر للدين أو النوع.

ما تقييمك لوضع المهنة عموما؟

للأسف الشديد الوضع في خطر ونتراجع عن المكانة التي أخذناها على مستوى الوطن العربي. وهناك إسهامات خلال ما يقرب على 100 عام فيما يتعلق بعمر هذه المهنة، كما أن نقابة الصحفيين من أقدم النقابات داخل مصر وخارجها، فكان لدينا فيما يسمى (بصنايعية) المهنة، وهم من يحترفون المهنة وآدابها ويمتلكون الرؤية والانحيازات للقيم، وبالتالي كان هناك صحافة متنوعة وعميقة على مدى العصور.

 بالتأكيد كان يوجد أخطاء مهنية كأي مهنة، ولكن في المجمل كان هناك صحافة حقيقية وأشكال مختلفة من المؤسسات الصحفية. أما الآن الصحف الحزبية اختفت تماما، والمستقلة تلفظ أنفاسها الاخيرة، والقومية مهددة بالدمج والتقلص أو الاتجاه للإلكتروني، وعلى مستوى حرية الصحافة فإن الهامش ضيق جدا وهذا يؤثر على المهنية.

بالإضافة إلى أن هناك أجيال جديدة تلتحق بالمجال الصحفي لم يروا التقاليد النقابية ودور أعضاء المجلس في الدفاع عن المهنة نتيجة لتعطيل العمل النقابي، وبالتالي غاب عنهم جزء كبير من تاريخ النقابة وعراقتها وخاصة بعد 2011، وبالتالي كل هذا ينعكس على الحرص على المهنة وآدابها والاعتزاز باستقلال المهنة والفخر بها.

ونتيجة لغياب الحراك داخل النقابة وغياب النشاط النقابي وكذلك غياب دور الجمعيات العمومية وتراجع الدور الذي تقوم به الصحافة، بالإضافة إلى تدهور أوضاع الأجور، جعل الأجيال الجديدة بعضهم مهتم جدا بفكرة الدخول للنقابة والحصول على الكارنيه الذي من الممكن أن يوفر له قدر من الحماية المالية والأمنية. لكن في المقابل أصبحت التدريبات التي كانت تعد للصحفيين في مرحلة الانتقال من تحت التمرين إلى المشتغلين غير موجودة، إلى جانب اتجاه الصحافة للابتعاد عن الكتابة في الكثير من الموضوعات الجادة، كل هذه الأمور قلصت الفرصة لتطوير عدد كبير من الصحفيين على المستوى المهني.

هذا بالإضافة إلى أن عدم ممارسة المهنة بحرية انعكس على تطور أداء هؤلاء الصحفيين، فضلا عن أن السياسات التحريرية التي تفرض عليهم داخل الصحيفة تحد من فرصهم واكتسابهم خبرات أوسع وتناول موضوعات متعددة.

للأسف الشديد العديد من السياسات التحريرية لبعض الصحف أصبحت تهتم أكثر بالموضوعات الخفيفة. وهناك توجه داخل المؤسسات بالاهتمام بصحيفة النميمة والتدخل بالمساحات الشخصية للشخصيات العامة. على سبيل المثال في مهرجانات السينما الاهتمام بتغطية الندوات والأفلام والمناقشات أقل من مساحة تغطية أزياء وأخبار الفنانين، الأمر الذي يؤثر سلبا على فرصة الصحفيين في الكتابة الجادة في المساحات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من المساحات، نظرا لانغلاق مساحات الكتابة في الصحف من قبل الإدارة.

ما الدور الذي من المفترض أن تقوم به النقابة لضبط أداء المهنة؟

أولا، عودة الغائبين من أعضاء مجلس النقابة والقيام بدورهم والتزاماتهم. ثانياً، كان هناك قبل الثورة تدريبات للزملاء المعينين والذين من المقرر التحاقهم بالنقابة تحت التمرين متعلقة بهذا الأمر، وكان الصحفي لا ينتقل من جدول تحت التمرين إلى المشتغلين إلا بعد اجتياز التدريب.

احتوى هذا التدريب على مجموعة من الدورات المهنية، من بينها التعرف على تاريخ النقابة. وهذه مسألة لابد من عودتها وبشدة. ثالثاً، ضرورة أن يضع المجلس على أجندته العمل على حماية المهنة؛ وعلى سبيل المثال حاليا يتم التجهيز للحوار الوطني، وسيتم مناقشة ملف الإعلام والصحافة في الحوار، وكان من المفترض أن تدعو نقابة الصحفيين للقاءات مع الجمعية العمومية وشيوخ المهنة والاساتذة الكبار للحديث عن الموضوعات والقضايا التي من المفترض طرحها في الحوار الوطني.

 لا يمكن أن يكون منسق الحوار الوطني نقيب الصحفيين ولا يوجد ملف للصحفيين يناقش في الحوار الوطني ولا حتى القضايا نفسها موجودة، يوجد (ملف حقوق الإنسان وملف النقابات) والتي نستطيع أن ندخل من خلالها ونبدي رأينا في أزمات المهنة، لكن دور النقابة غائب عن المشهد في طرح الأزمات التي تهدد وجود النقابة والمهنة.

هل هناك فرصة أمام النقابة لضبط أوضاع المهنة عموما؟

للصحافة دور مهم جدا، وهي أحد الأدوات الخاصة بفكرة فتح الحوار بين صانعي السياسات والقرار والمجتمع وهي الوسيلة الوحيدة التي تستطيع طرح وجهات نظر الأطراف بحيادية ونزاهة، وهذا دور مهم للعمل الصحفي والإعلامي. وبالتالي إذا فرضنا أن الدولة تريد الانتقال لمرحلة مختلفة وأكثر تفاعلا وانفتاحا فلابد أن يكون للصحافة دورا في تفعيل ذلك.

وفي الحقيقة، أنا في حالة اندهاش واستغراب من أن مجلس النقابة ليس منتبه لهذا الدور وأهميته ولا يريد الاشتباك مع الجهود التي تبذل الآن لوضع الصحافة في مكانتها الطبيعية.

 نأمل في التغيير ولا نستطيع فعل شيء سوى انتظار الانتخابات في مارس القادم، وأن يأتي مجلس نقابة يحرك المياه الراكدة داخل النقابة، لكن هذا يرتبط أيضاً بضرورة وجود مناخ مرحب بالعمل الصحفي والإعلامي

هناك أهمية لعودة الصحافة إلى دورها الحقيقي للمحافظة على استقرار الوطن والمحافظة على وجود منابر للتفاوض من خلاله، وهي حالة صحية ونحن نحتاجها الآن حتى تنهي الأزمة الموجودة بسبب الأوضاع الاقتصادية العالمية والمؤثرة علينا في الداخل والحالة السياسية العامة، ولذلك نحتاج أن يكون هناك تفعيل لمؤسسات عديدة منها المؤسسات الصحفية. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Site Logo
موقع نقابة ميتر هو موقع متخصص في الشأن النقابي، أسسه مجموعة من الصحفيين المصريين أعضاء الجمعية العمومية لربط الجمعية العمومية بمجلس النقابة وخلق حالة من التواصل بينهما، للمساهمة في الدفع بالمجلس نحو المزيد من التطور والتعاطي مع قضايا الصحفيين، وأيضا لمساعدة أعضاء الجمعية العمومية في اختيار أفضل المرشحين لمجلس نقابة الصحفيين الذين يكرسون جهودهم لصالح المهنة والجماعة الصحفية.
© جميع الحقوق محفوظة نقابة ميتر ٢٠٢٣
متوفرة تحت رخصة المشاع الإبداعي، 3.0 يتوجب نسب المواد الى « نقابة ميتر » - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص