يونيو 12, 2025

زيادة بدل التدريب.. جدل يتصاعد وتأخير غامض في الإعلان

في ظل تصاعد الغلاء وتدهور الأوضاع المعيشية للصحفيين، تتزايد الترقبات داخل الجماعة الصحفية بشأن موقف وزارة المالية المصرية من زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا، الذي بات يمثل الركيزة الأساسية لدخل آلاف الصحفيين في مختلف المؤسسات الإعلامية.

القلق تصاعد مؤخرًا مع تأخر إعلان الزيادة المنتظرة، رغم أن شهر يوليو، الذي يفترض أن يشهد بداية صرف الزيادة بالتزامن مع انطلاق الموازنة الجديدة، بات على الأبواب. إذ جرت العادة على أن يتم إقرار الزيادة في البدل خلال هذا التوقيت، أسوة بما يجري مع باقي الفئات المهنية في الدولة.

ورغم تصريحات الدكتور أحمد كوجك، نائب وزير المالية، التي أكد فيها أن: "هناك حوارات مستمرة بشأن زيادة بدل الصحفيين، وسيتم إعلان قيمتها فور الانتهاء من المناقشات"،

إلا أن الغموض لا يزال يخيّم على الملف، وسط صمت حكومي يثير الشكوك، ويزيد من الجدل داخل أوساط الصحفيين، الذين يواجهون واقعًا اقتصاديًا صعبًا، في ظل انهيار مستمر لقيمة أجورهم الحقيقية مقابل التضخم وارتفاع الأسعار.

يصرف البدل للصحفيين المصريين منذ عام 1981، وبدأ بقيمة 10 جنيهات تحت مسمى "بدل المراجع"، وكان يُنظر إليه كجزء من حق الدولة في دعم المهنة التي تخدم المجتمع. لكن مع الوقت، صار البدل جزءًا جوهريًا من الدخل الشهري لأغلب الصحفيين، خاصة في ظل تدني الأجور داخل المؤسسات الصحفية. 

في هذا السياق، عبّر عدد من الصحفيين وأعضاء الجمعية العمومية عن رفضهم لما اعتبروه تباطؤًا غير مبرر، و"رسائل سلبية" موجهة للجماعة الصحفية بعد انتخاب مجلس نقابة جديد برئاسة النقيب خالد البلشي.

وفي بيان رسمي بمناسبة "يوم الصحفي" أصدر يوم 10 يونيو الجاري، وحمل عنوان تهنئة ودعوة بمناسبة 30 عاما على جمعية الكرامة، شدد خالد البلشي، نقيب الصحفيين، على أن البدل ليس منحة ولا مكرمة، بل حق أصيل لا يقبل التجميد أو التأخير.

وقال البلشي في بيانه:"لتكن البداية بالسعي لإنجاز الوعود الحكومية بزيادة الرواتب، وإقرار الحد الأدنى للأجور على جميع الصحفيين مع مراعاة التدرج الوظيفي وسنوات الخبرة المهنية، وإقرار زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا بشكل دوري بعيدًا عن الانتخابات باعتباره حقًا لجميع الصحفيين المقيدين بجداول النقابة، واستكمال ما تم من خطوات على طريق تعيين المؤقتين وصولًا لوضع لائحة أجور عادلة لجميع ممارسي المهنة، ووضع منهاج واضح لتنفيذ التوصيات الخاصة بالمتعطلين، وحل مشاكل الصحافة الحزبية والصحف المتوقفة عبر توسيع السوق الصحفية، وتخفيف شروط الإصدار، وتطوير الصحافة القومية وإعادة الاعتبار لها؛ لتبقي ميزانًا للسوق الصحفية، وإعادة الاعتبار للمهنة ككل، ولكارنيه النقابة كتصريح عمل وحيد."

 ومن هذا المنطلق، دعا نقيب الصحفيين جموع الصحفيين للمشاركة في فعاليات شهر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في يوليو القادم، بما يضمن أداء الصحفيين لدورهم في المجتمع. مؤكدًا على أنه لا نجاح دون دعم حقيقي من الجمعية العمومية.

من جهته قال الصحفي عمرو بدر،  عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق، إن بدل التدريب والتكنولوجيا هو حق أصيل للصحفيين، وليس منّة من أحد، مشددًا على ضرورة الإصرار على زيادته بقيمة عادلة تتناسب مع موجات الغلاء وتدهور الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها الصحفيون في مصر.

ووصف بدر في حديثه لـ"نقابة ميتر" تأخير إعلان الزيادة في البدل بأنه: "أشبه برسالة عقابية موجهة إلى الصحفيين على اختيارهم نقيبهم بإرادة حرة"، محذرًا من محاولات "بعض الجهات" استخدام هذا الملف للضغط على الجماعة الصحفية، وإيصال رسالة مفادها: "العقاب على استقلال الإرادة". مؤكدًا أن هذه الرسالة مرفوضة ومهينة، ولن تؤدي إلا إلى مزيد من التمسك بحقوق الصحفيين في بدل عادل وحياة كريمة، واحترام خياراتهم.

وفي سياق متصل، ثمّن بدر دعوة نقيب الصحفيين لتحويل شهر يوليو إلى شهر للدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، واصفًا هذه الخطوة بأنها "استدعاء حقيقي لدور الجمعية العمومية في واحدة من أخطر القضايا التي تواجه الصحفيين"، ومؤكدًا أن نجاح أي تفاوض بشأن البدل أو تحسين الأوضاع المعيشية لن يتم دون دعم فعلي وفاعل من الجمعية العمومية، التي يجب أن ترفع سقف مطالبها إلى الحد الأقصى.

وختم حديثه قائلًا: "لن يكون مجلس النقابة قويًا ومؤثرًا إلا بوجود أعضاء جمعيته العمومية. وأتمنى أن نكون جميعًا حاضرين بقوة في الشهر المقبل لننتزع حقوقنا المشروعة."

أما الصحفي هشام فؤاد عضو الجمعية العمومية، فركّز في تصريحاته على الجوانب القانونية للأزمة، مشيرًا إلى أن البدل يُصرف بانتظام منذ أكثر من 20 عامًا، وأصبح عرفًا قانونيًا وإداريًا ملزمًا. مستشهدًا بحكم نهائي أصدرته محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في 2021، أكدت فيه أن: "بدل التدريب والتكنولوجيا حق لصيق بالمهنة ولا يجوز وقفه لأي سبب، وهو واجب الصرف لكل صحفي مقيد بالنقابة، بصرف النظر عن طبيعة الجهة الصحفية التي يعمل بها."

وأشار فؤاد في حديثه لـ"نقابة ميتر" إلى أن وزير المالية الدكتور أحمد كوجك سبق وأعلن عبر وسائل الإعلام عن نية الحكومة رفع البدل، وهو ما يضعها أمام مسؤوليتها في الوفاء بما التزمت به علنًا. وقال: "لا يمكن لأي مسؤول التراجع عن قرار تم إعلانه أمام الرأي العام، وإلا ستواجه الحكومة غضب الجماعة الصحفية، التي تعاني يوميًا من وطأة الغلاء وتدهور القوة الشرائية لأجورها."

وأوضح أن التفاوض حول البدل ليس أمرًا جديدًا، إذ يعود إلى عام 1981 حين أُقر البدل لأول مرة بقيمة 10 جنيهات تحت مسمى "بدل المراجع"، وكان الهدف منه آنذاك دعم التطوير المهني للصحفيين. كما استند إلى قانون العمل رقم 14 لسنة 2025، الذي يضم العلاوات والبدلات ضمن تعريف "الأجر الشامل"، ما يجعل البدل جزءًا من الأجر القانوني الملزم، وليس مجرد دعم وقتي أو استثناء موسمي. مشددًا على أن أصل الأزمة الحالية مفتعل بفعل فاعل، ويجب التعامل معها باعتبارها فرصة لإعادة فتح ملف الأجور الشاملة للصحفيين.

وفي ختام حديثه دعا فؤاد في ختام حديثه إلى عقد جمعية عمومية طارئة لمناقشة الأجور وتثبيت آلية سنوية لزيادة البدل بما يتناسب مع التضخم، بعيدًا عن الألاعيب الموسمية أو الحسابات الانتخابية.

لا يعد تأخير الإعلان عن زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا مجرد إرجاء مالي، بل يمس أحد الحقوق المهنية والاجتماعية الأساسية، والتي تمثل صمام أمان لمهنة تعاني من هشاشة اقتصادية متزايدة.

ويعتبر صحفيون أن المماطلة في إعلان الزيادة، مع بدء الموازنة الجديدة، لا يمكن فصلها عن مسار أوسع من التضييق على الحريات النقابية ومحاولات الالتفاف على مكتسبات الجماعة الصحفية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Site Logo
موقع نقابة ميتر هو موقع متخصص في الشأن النقابي، أسسه مجموعة من الصحفيين المصريين أعضاء الجمعية العمومية لربط الجمعية العمومية بمجلس النقابة وخلق حالة من التواصل بينهما، للمساهمة في الدفع بالمجلس نحو المزيد من التطور والتعاطي مع قضايا الصحفيين، وأيضا لمساعدة أعضاء الجمعية العمومية في اختيار أفضل المرشحين لمجلس نقابة الصحفيين الذين يكرسون جهودهم لصالح المهنة والجماعة الصحفية.
© جميع الحقوق محفوظة نقابة ميتر ٢٠٢٣
متوفرة تحت رخصة المشاع الإبداعي، 3.0 يتوجب نسب المواد الى « نقابة ميتر » - يحظر استخدام العمل لأية غايات تجارية - يُحظر القيام بأي تعديل، تحوير أو تغيير في النص