حالة من الجدل أثيرت في الوسط الصحفي عقب حفل توزيع جوائز الصحافة المصرية الذي أقامته نقابة الصحفيين برئاسة النقيب خالد البلشي في التاسع من يوليو الجاري. إذ انتقد صحافيون رعاية شركة المتحدة للخدمات الإعلامية للحفل، مشيرين إلى أن المتحدة متهمة بالاحتكار والهيمنة على قطاعات الصحافة والإعلام في مصر من خلال تملكها لأكثر من 90% من وسائل الصحافة والإعلام..
انتقادات مبادرة صحفيات مصريات
استنكرت مبادرة صحفيات مصريات في بيان لها نشر عبر صفحتها على الفيسبوك، رعاية الشركة المتحدة المملوكة للدولة للحفل، معتبرة أن ذلك قد يؤثر على استقلالية النقابة ودورها في حماية أعضائها من الصحفيين، بمن فيهم الآلاف من الصحفيين العاملين بالمواقع والصحف التي استحوذت عليها المتحدة. وأوضحت المبادرة أن اعتراضها لا يمس بأي شكل من الأشكال احترامها لعمل كل صحفي داخل أي من تلك المؤسسات التابعة لشركة المتحدة أو غيرها، بل على العكس يصب في مصلحة أي منهم في حال وقوع خلاف بينه وبين إدارته.
وأشارت المبادرة إلى أن دور النقابة هو الدفاع عن مصالح عضواتها وأعضائها، وأن هذا الدور يقتضي، ضمن أدواته، التفاوض مع السلطة الموجودة على رأس الدولة. وأكدت أن النقابة جزء من هذه الدولة، لكن ذلك يجب أن يتم في إطار الفصل بين السلطات وضمان الاستقلالية وتجنب خلط الأمور.
اتهامات بالاحتكار
وتوجه أصابع الاتهام إلى المتحدة باعتبارها المسؤولة عن حالة التردي والتجريف التي تعاني منها الصحافة خلال السنوات الأخيرة، بالإضافة إلى خفض سقف الحريات الإعلامية والصحفية، وفرض سياسة الصوت الواحد، وتحويل الصحافة والإعلام إلى منابر لنشر بيانات الحكومة والتصريحات الرسمية.
آراء أخرى حول القضية
من جهة أخرى، رأى بعض الصحفيين أن هناك بعض المبالغات في رد فعل بعض الصحفيين الرافضين لدعم المتحدة لحفل الجوائز. الصحفية فيولا فهمي عبرت عن رأيها عبر صفحتها على فيسبوك، مشيرة إلى أن النقابة ليست حكراً على لون سياسي واحد، ويجب أن تتعامل مع جميع الجهات لتحقيق مصالح المهنة والعاملين بها. وأوضحت "فهمي" أن من يريد لنقابة الصحفيين دوراً مؤثراً وفاعلاً عليه أن يتخلى قليلاً عن التربص والمزايدات والمبالغات.
رد النقابة على الانتقادات
في لقاء صحفي قامت به موقع المنصة، رحب نقيب الصحفيين خالد البلشي بالانتقادات التي وجهت له على خلفية رعاية المتحدة لحفل الجوائز، مشيرًا إلى أن الانتقاد حق لكل الصحفيين. وأوضح أن النقابة شديدة التنوع والحفاظ على هذا التنوع مهمة رئيسية كبيرة، وأنها تسعى لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة للصحفيين. كما أكد البلشي أن مجلس النقابة راعى منذ اللحظة الأولى أن تكون الجائزة مستقلة، ومن هذا المنطلق اختار مجلس أمناء مستقل لاختيار الموضوعات الفائزة.
وأشار البلشي إلى أن قرار رعاية المتحدة لحفل الجوائز جاء بعد قرار مجلس أمناء المسابقة والانتهاء من كل تفاصيل المسابقة وإعلان أسماء الفائزين، حفاظًا على استقلالها. وأكد أن الجائزة كانت ترعاها مؤسسات صحفية على مدار السنوات الماضية، وأن النقابة خاطبت مختلف المؤسسات الصحفية ومؤسسات الدولة والبنوك وشركات الدعاية لرعاية الحفل، ولم يستجب سوى شركة "POD" التابعة للشركة المتحدة.
تفاصيل دعم المتحدة للحفل
أكد نقيب الصحفيين خلال لقائه أن الشركة المتحدة لم تتدخل في الجوائز، وأن اسمها لم يظهر على الجائزة، ولم تفرض نفسها على حفل تسليم الجوائز. وذكر البلشي أن المجلس خاطب مختلف الجهات، ولكن لم تتجاوب سوى المتحدة لرعاية الحفل ماديًا وفنيًا، وقد وفرت كل الدعم للاحتفالية بعد تواصل مجلس النقابة معها.
في كلمته الافتتاحية خلال حفل الجوائز، قدم البلشي الشكر لرئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب وللشركة المتحدة، وهو ما أثار الجدل أيضًا بين الصحفيين. كما أشار إلى أن موافقة رئيس مجلس الوزراء على رعايته لاحتفالية توزيع الجوائز جاءت بعد لقاء بينهما.
قرار رفع وتخفيض قيمة الجائزة
أعلن نقيب الصحفيين خلال الحفل عن رفع قيمة الجائزة من 15 ألف جنيه إلى 50 ألف جنيه لكل جائزة عامة، ولكن بعد ذلك قرر تخفيضها إلى 30 ألف جنيه لصالح زميلة صحفية تعرضت لحادث. وأوضح البلشي أن قرار تخفيض الجائزة جاء بعد تعرض الزميلة الصحفية لحادث أليم، وحاجتها لجهاز طبي بتكلفة عالية. وأخطر الأطباء النقابة بأن تكلفة النقل للجهاز الوحيد المتاح تصل لنصف مليون جنيه، وقد تصل تكاليف إنقاذها لمليون جنيه، مع احتمالات نجاة تقل عن 20%.
أكد النقيب أن النقابة تواصلت مع كل الجهات للمساعدة، وفي الثانية صباحًا تلقى مكالمة من أحد قيادات الشركة المتحدة. وافقت الشركة على تحويل أموال الجائزة لعلاج الزميلة الصحفية. وأكد النقيب أن إنقاذ الزميلة هو جائزة تفوق كل الجوائز.
دعوة لتفعيل صندوق الطوارئ
في المقابل، أكدت مبادرة صحفيات مصريات في بيانها على تقديرها لكل تبرع مادي يأتي في لحظة صعبة، لكنها شددت على ضرورة عدم الخلط بين المساحات. ودعت إلى إعادة تفعيل توصية الجمعية العمومية لعام 2019 بإنشاء صندوق الطوارئ ورعاية الحالات الخاصة، كي لا تحمل النقابة نفسها أي حسابات أو توازنات تضر بموقفها كمدافع عن حرية وحقوق الصحفيين ومهنتهم.
تستمر حالة الجدل حول رعاية المتحدة لحفل الجوائز المصرية، مع تباين الآراء بين من يرون في هذه الرعاية انتهاكًا لاستقلالية النقابة، ومن يرونها خطوة ضرورية للحفاظ على استمرارية الدعم للصحفيين. وفي ظل هذا الجدل، يبقى الحفاظ على استقلالية النقابة وحقوق الصحفيين هو الهدف الأسمى الذي يسعى الجميع لتحقيقه.